فصل: التفسير المأثور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وكذلك: {وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدنيا نُؤْتِهِ مِنْهَا} [آل عمران: 145] قيدتها وفسرتها التي في سبحان: {مَّن كَانَ يُرِيدُ العاجلة عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ} [الإسراء: 18] قوله: {وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ} أي: وهؤلاء المريدون بأعمالهم الدنيا هم فيها: أي في الدنيا لا يبخسون: أي لا ينقصون من جزائهم فيها بحسب أعمالهم لها، وذلك في الغالب، وليس بمطرد، بل إن قضت به مشيئته سبحانه، ورجحته حكمته البالغة.
وقال القاضي: معنى الآية: من كان يريد بعمل الخير الحياة الدنيا وزينتها، نوفّ إليهم أعمالهم وافية كاملة من غير بخس في الدنيا، وهو ما ينالون من الصحة والكفاف، وسائر اللذات والمنافع، فخصّ الجزاء بمثل ما ذكره، وهو حاصل لكل عامل للدنيا، ولو كان قليلًا يسيرًا.
قوله: {أُوْلَئِكَ الذين لَيْسَ لَهُمْ في الآخرة إِلاَّ النار} الإشارة إلى المريدين المذكورين، ولابد من تقييد هذا بأنهم لم يريدوا الآخرة بشيء من الأعمال المعتدّ بها، الموجبة للجزاء الحسن في الدار الآخرة، أو تكون الآية خاصة بالكفار، كما تقدّم: {وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ} أي: ظهر في الدار الآخرة حبوط ما صنعوه من الأعمال التي كانت صورتها صورة الطاعات الموجبة للجزاء الأخروي، لولا أنهم أفسدوها بفساد مقاصدهم، وعدم الخلوص، وإرادة ما عند الله في دار الجزاء، بل قصروا ذلك على الدنيا وزينتها؛ ثم حكم سبحانه ببطلان عملهم فقال: {وباطل مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} أي: أنه كان عملهم في نفسه باطلًا غير معتدّ به، لأنه لم يعمل لوجه صحيح يوجب الجزاء، ويترتب عليه ما يترتب على العمل الصحيح.
قوله: {أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ مّن رَّبّهِ} بيّن سبحانه أن بين من كان طالبًا للدنيا فقط، ومن كان طالبًا للآخرة تفاوتًا عظيمًا، وتباينًا بعيدًا.
والمعنى: أفمن كان على بينة من ربه في اتباع النبيّ صلى الله عليه وسلم، والإيمان بالله، كغيره ممن يريد الحياة الدنيا وزينتها.
وقيل: المراد بمن كان على بينة من ربه: النبي صلى الله عليه وسلم: أي أفمن كان معه بيان من الله، ومعجزة كالقرآن، ومعه شاهد كجبريل، وقد بشرت به الكتب السالفة، كمن كان يريد الحياة الدنيا وزينتها.
ومعنى البينة: البرهان الذي يدلّ على الحق، والضمير في قوله: {وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ} راجع إلى البينة باعتبار تأويلها بالبرهان، والضمير في منه راجع إلى القرآن، لأن قد تقدّم ذكره في قوله: {أَمْ يَقُولُونَ افتراه} [يونس: 38] أو راجع إلى الله تعالى.
والمعنى: ويتلو البرهان الذي هو البينة شاهد يشهد بصحته من القرآن، أو من الله سبحانه.
والشاهد: هو الإعجاز الكائن في القرآن، أو المعجزات التي ظهرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن ذلك من الشواهد التابعة للقرآن.
وقال الفراء قال بعضهم: {ويتلوه شاهد منه}: الإنجيل، وإن كان قبله فهو يتلو القرآن في التصديق، والهاء في: {منه} لله عزّ وجلّ؛ وقيل المراد بمن كان على بينة من ربه: هم مؤمنو أهل الكتاب، كعبد الله بن سلام، وأضرابه.
قوله: {وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى} معطوف على: {شاهد}.
والتقدير: ويتلو الشاهد شاهد آخر من قبله هو كتاب موسى، فهو وإن كان متقدّمًا في النزول، فهو يتلو الشاهد في الشهادة، وإنما قدم الشاهد على كتاب موسى، مع كونه متأخرًا في الوجود، لكونه وصفًا لازمًا غير مفارق، فكان أغرق في الوصفية من كتاب موسى.
ومعنى شهادة كتاب موسى، وهو التوراة أنه بشّر بمحمد صلى الله عليه وسلم، وأخبر بأنه رسول من الله.
قال الزجاج: والمعنى ويتلوه من قبله كتاب موسى، لأن النبي موصوف في كتاب موسى، يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل.
وحكى أبو حاتم، عن بعضهم، أنه قرأ: {ومن قبله كتاب موسى} بالنصب، وحكاه المهدوي، عن الكلبي، فيكون معطوفًا على الهاء في: {يتلوه}.
والمعنى: ويتلو كتاب موسى جبريل، وانتصاب: {إمامًا ورحمة} على الحال.
والإمام: هو الذي يؤتمّ به في الدين ويقتدى به، والرحمة: النعمة العظيمة التي أنعم الله بها على من أنزله عليهم، وعلى من بعدهم باعتبار ما اشتمل عليه من الأحكام الشرعية الموافقة لحكم القرآن، والإشارة بقوله: {أولئك} إلى المتصفين بتلك الصفة الفاضلة، وهو الكون على البينة من الله.
واسم الإشارة مبتدأ وخبره: {يُؤْمِنُونَ بِهِ} أي: يصدّقون بالنبيّ صلى الله عليه وسلم، أو بالقرآن: {وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب} أي: بالنبيّ أو بالقرآن.
والأحزاب المتحزّبون على رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل مكة وغيرهم، أو المتحزّبون من أهل الأديان كلها: {فالنار مَوْعِدُهُ} أي: هو من أهل النار لا محالة، وفي جعل النار موعدًا إشعار بأن فيها ما لا يحيط به الوصف من أفانين العذاب، ومثله قول حسان:
أوردتموها حياض الموت صاحية ** فالنار موعدها والموت لاقيها

{فَلاَ تَكُ في مِرْيَةٍ مّنْهُ} أي: لا تك في شك من القرآن، وفيه تعريض بغيره صلى الله عليه وسلم؛ لأنه معصوم عن الشك في القرآن، أو من الموعد: {إِنَّهُ الحق مِن رَّبّكَ} فلا مدخل للشك فيه بحال من الأحوال: {ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يُؤْمِنُونَ} بذلك مع وجوب الإيمان به، وظهور الدلائل الموجبة له، ولكنهم يعاندون مع علمهم بكونه حقًا، أو قد طبع على قلوبهم فلا يفهمون أنه الحق أصلًا.
وقد أخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله: {فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ} قال: لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن أنس، في قوله: {مَن كَانَ يُرِيدُ الحياة الدنيا وَزِينَتَهَا} قال: نزلت في اليهود والنصارى.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن عبد الله بن معبد، قال: قام رجل إلى عليّ فقال: أخبرنا عن هذه الآية: {مَن كَانَ يُرِيدُ الحياة الدنيا} إلى قوله: {وباطل مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} قال: ويحك، ذاك من كان يريد الدنيا لا يريد الآخرة.
وأخرج النحاس عن ابن عباس: {مَن كَانَ يُرِيدُ الحياة الدنيا} أي: ثوابها: {وَزِينَتَهَا} مالها: {نُوَفّ إِلَيْهِمْ} نوفر لهم بالصحة والسرور في الأهل، والمال، والولد: {وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ} لا ينقصون. ثم نسخها: {مَّن كَانَ يُرِيدُ العاجلة عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء} [الإسراء: 18] الآية.
وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، مثله.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في الآية قال: من عمل صالحًا: التماس الدنيا صومًا أو صلاة، أو تهجدًا بالليل، لا يعمله إلا التماس الدنيا، يقول الله أو فيه الذي التمس في الدنيا وحبط عمله الذي كان يعمل، وهو في الآخرة من الخاسرين.
وأخرج ابن جرير، عن الضحاك، قال: نزلت هذه الآية في أهل الشرك.
وأخرج أبو الشيخ، عن الحسن، في قوله: {نُوَفّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ} قال: طيباتهم.
وأخرج أبو الشيخ، عن ابن جريج، نحوه.
وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، في قوله: {وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا} قال: حبط ما عملوا من خير، وبطل في الآخرة، ليس لهم فيها جزاء.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في الآية، قال: هم أهل الرياء.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبو نعيم في المعرفة، عن عليّ بن أبي طالب، قال: ما من رجل من قريش إلا نزل فيه طائفة من القرآن، فقال له رجل: ما نزل فيك؟ قال: أما تقرأ سورة هود: {أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ مّن رَّبّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مّنْهُ} رسول الله صلى الله عليه وسلم بينة من ربه، وأنا شاهد منه.
وأخرج ابن عساكر، وابن مردويه من وجه آخر، عنه، قال: قال رسول الله: أفمن كان على بينة من ربه: أنا، ويتلوه شاهد منه: عليّ وأخرج أبو الشيخ، عن أبي العالية، في قوله: {أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ مّن رَّبّهِ} قال: ذاك محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج أبو الشيخ، عن إبراهيم، نحوه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وأبو الشيخ، عن محمد بن عليّ بن أبي طالب، قال: قلت لأبي: إن الناس يزعمون في قول الله سبحانه: {وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مّنْهُ} أنك أنت التالي، قال: وددت أني أنا هو، ولكنه لسان محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج أبو الشيخ، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن الشاهد جبريل ووافقه سعيد بن جبير.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه من طرق، عن ابن عباس، قال: جبريل فهو شاهد من الله بالذي يتلوه من كتاب الله الذي أنزل على محمد: {وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى} قال: ومن قبله التوراة على لسان موسى، كما تلا القرآن على لسان محمد.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن عساكر عن الحسن بن عليّ، في قوله: {وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مّنْهُ} قال: محمد هو الشاهد من الله.
وأخرج أبو الشيخ عن إبراهيم: {وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى} قال: ومن قبله جاء الكتاب إلى موسى.
وأخرج عبد الرزاق وأبو الشيخ، عن قتادة: {وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب} قال: الكفار أحزاب كلهم على الكفر.
وأخرج أبو الشيخ عن قتادة، قال: {وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب} قال: من اليهود والنصارى. اهـ.

.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً}
أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم في المعرفة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: ما من رجل من قريش إلا نزل فيه طائفة من القرآن. فقال له رجل: ما نزل فيك؟ قال: أما تقرأ سورة هود: {أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه} رسول الله صلى الله عليه وسلم على بينة من ربه وأنا شاهد منه.
وأخرج ابن مردويه وابن عساكر عن علي رضي الله عنه في الآية قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم على بينة من ربه، وأنا شاهد منه.
وأخرج ابن مردويه من وجه آخر عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفمن كان على بينة من ربه أنا، ويتلوه شاهد منه قال: علي».
وأخرج أبو الشيخ عن أبي العالية رضي الله عنه في قوله: {أفمن كان على بينة من ربه} قال: «ذاك محمد صلى الله عليه وسلم».
وأخرج أبو الشيخ عن إبراهيم رضي الله عنه: {أفمن كان على بينة من ربه} قال: محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط وأبو الشيخ عن محمد بن علي بن أبي طالب قال: قلت لأبي: إن الناس يزعمون في قول الله: {ويتلوه شاهد منه} أنك أنت التالي. قال: وددت أني أنا هو ولكنه لسان محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج أبو الشيخ عن محمد بن علي بن الحنفية: {أفمن كان على بينة من ربه} قال: محمد صلى الله عليه وسلم: {ويتلوه شاهد منه} قال: لسانه.
أخرج أبو الشيخ من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد رضي الله عنه: {أفمن كان على بينة من ربه} قال: هو محمد صلى الله عليه وسلم: {ويتلوه شاهد منه} قال: أما الحسن رضي الله عنه فكان يقول: اللسان. وذكر عكرمة رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه جبريل عليه السلام. ووافقه سعيد بن جبير رضي الله عنه قال: هو جبريل.
وأخرج أبو الشيخ عن عطاء رضي الله عنه: {ويتلوه شاهد منه} قال: هو اللسان. ويقال: أيضًا جبريل.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما: {أفمن كان على بينة من ربه} قال: محمد: {ويتلوه شاهد منه} قال: جبريل، فهو شاهد من الله بالذي يتلو من كتاب الله الذي أنزل على محمد: {ومن قبله كتاب موسى} قال: ومن قبله تلا التوراة على لسان موسى كما تلا القرآن على لسان محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد: {أفمن كان على بينة من ربه} قال: هو محمد صلى الله عليه وسلم: {ويتلوه شاهد منه} قال: ملك يحفظه.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن عساكر عن الحسين بن علي في قوله: {ويتلوه شاهد منه} قال: محمد هو الشاهد من الله.
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن في قوله: {أفمن كان على بينة من ربه} قال: المؤمن على بينة من ربه.
وأخرج أبو الشيخ عن إبراهيم: {ومن قبله كتاب موسى} قال: ومن جاء بالكتاب إلى موسى.
وأخرج عبد الرزاق وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه: {ومن يكفر به من الأحزاب} قال: الكفار أحزاب كلهم على الكفر.
وأخرج أبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه: {ومن يكفر به من الأحزاب} قال: من اليهود والنصارى.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر والطبراني وابن مردويه من طريق سعيد بن جبير عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يسمع بي أحد من هذه الأمة ولا يهودي ولا نصراني فلم يؤمن بي إلا كان من أهل النار. قال سعيد: فقلت ما قال النبي صلى الله عليه وسلم إلا هو في كتاب الله، فوجدت: {ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده}».
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه من طريق سعيد بن جبير رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من أحد يسمع بي من هذه الأمة ولا يهودي ولا نصراني ولا يؤمن بي إلا دخل النار. فجعلت أقول: أين تصديقها في كتاب الله؟ وقلما سمعت حديثًا عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا وجدت تصديقه في القرآن حتى وجدت هذه الآية: {ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده} قال: الأحزاب الملل كلها».
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال: ما بلغني حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على وجهه إلا وجدت مصداقه في كتاب الله.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة ولا يهودي ولا نصراني ومات ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار». اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال السمين:
{أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ} قوله تعالى: {أَفَمَن كَانَ} فيه وجهان، أحدهما: أنه مبتدأ والخبرُ محذوفٌ، تقديره: أفَمَنْ كان على هذه الأشياء كغيره، كذا قدَّره أبو البقاء، وأحسنُ منه {أَفَمَنْ كان كذا كمن يريد الحياة الدنيا وزينتها}، وحَذْفُ المعادلِ الذي دخلت عليه الهمزةُ كثيرةٌ نحو: {أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سواء عَمَلِهِ} [فاطر: 8]: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ} [الزمر: 9] إلى غير ذلك. وهذا الاستفهام بمعنى التقرير. الثاني وإليه نحا الزمخشري أن هذا معطوفٌ على شيءٍ محذوفٍ قبله، تقديره: أمَّن كان يريد الحياة الدنيا وزينتها كمَنْ كان على بَيِّنَة، أي: لا يعقبونهم في المنزلة ولا يقاربونهم، يريد أنَّ بين الفريقين تفاوتًا، والمرادُ مَنْ آمَن مِن اليهود كعبد اللَّه بن سلام، وهذا على قاعدتِه مِنْ تقديره معطوفًا بين همزة الاستفهام وحرفِ العطف، وهو مبتدأٌ أيضًا، والخبرُ محذوفٌ كما تقدَّم تقريرُه.